⬅️ خوانش و شرح کتاب المظاهر الالهیة فی اسرار العلوم الکمالیه – ملا صدرا جلسه هفتاد و سوم

🔷ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی

✅با حضور اساتید مطرح فلسفه سیاسی

⏰زمان: یک شنبه هفتم شهریور ماه 1400

 

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 106

عالم السمع و الإدراك، انقطعت عنه الحياتان الأوليان، لأنّه انقطع النفس و عدم الصوت. فلا يخلو حاله بعد ذلك عن أحد [الأمرين‏][1]: لأنّه إمّا في روضة من رياض الجنّة، و ذلك إذا وقع في صدر منشرح بأنوار معرفة اللّه و إلهامات ملائكته‏[2] فيكون قرين ملائكة اللّه و عباده الصالحين الزائرين لهذا القبر؛ و إمّا في حفرة من حفر النيران، و ذلك إذا وقع في صدر ضيّق حرج مشحون بالشرور و الآفات موطن للشياطين و الظلمات و مورد للعنة اللّه و مقته‏[3] مخلّدا[4] في العذاب.

فإنّ من البواطن و الصدور ما ينزل عليه‏[5] كلّ يوم ألوف من الملائكة و الأنبياء و الأولياء، لغاية صفائه، فهو كروضة[6] الجنان؛ و منها ما يقع فيه كلّ يوم ألف وسواس و كذب و فحش، فهو بعينه من الضيق و الظلمة كحفرة من حفر النيران، فهو يستحقّ اللعنة و العذاب الأليم: (مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ [عَظِيمٌ‏][7])[8].

فكذلك الإنسان إذا مات و ارتحل عن[9] هذا العالم، فقد بقيت له حياتان اخرويّتان- إن كان من أهلها- و انقطعت عنه حياة[10] النباتيّة و الحيوانيّة؛ و إنّما قلنا «انقطعت» دون «انعدمت» لأنّ التحقيق‏[11] أنّ ما وجد من الأشياء لا يمكن انعدامه بالحقيقة، و إلّا فيلزم أن يكون قد خرج و زال عن علم اللّه- سبحانه- و قد قال‏

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 107

تعالى-: (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ).[12]

و اعلم أنّ لكلّ من الحياة النباتيّة و الحيوانيّة قبرا هو مقدار تكوّنهما التدريجي و مدّة تقلّبهما[13] الاستكمالي في دار الدنيا. و هي مقبرة ما في علم اللّه من صور الأكوان‏[14] الحادثة الموجودة سابقا و لاحقا في علمه- تعالى- قبل ورودها في قبور هذه الدنيا، و بهذه القبليّة أشير في قوله- صلى اللّه عليه و آله و سلّم-:

«خلق [اللّه‏][15] الأرواح قبل الأبدان بألفي عام»؛ و بعد صدورها عنها، لقوله- تعالى-: (وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)[16]. و أشار إلى‏[17] اجتماع القبليّة و البعديّة بقوله:

(كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)[18].

و أمّا قبر النفس و الروح، فإلى مأوى النفوس و مرجع الأرواح، «كلّ شي‏ء يرجع إلى أصله» و (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)[19].

كشف غطاء

اعلم أنّ الموت يرد على الأوصاف لا على الذوات‏[20]، لأنّه «تفريق» لا «إعدام» و «رفع»؛ و أنّ المقابر[21] بعضها عرشيّة و بعضها فرشيّة، لأنّ اللّه- سبحانه- أبدع بقدرته الكاملة دائرة العرش بعقلها و نفسها فجعلها مأوى القلوب و الأرواح، و أنشأ بحكمته البالغة نقطة

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 108

الفرش و جعلها مسكن الطبائع و الأجساد.

ثمّ أمر بمقتضى قضائه الأزلي و صوره‏[22] الإسرافيلي لتلك الأرواح و القلوب العرشيّة[23] أن تعلّقت بالقوالب و الأبدان الفرشيّة، ثمّ أمر بقدره الحتمي أن يقبل قابليّة هذه القوالب و الأجساد و استعدادهما- شطرا[24] من الأزمنة- هذه القلوب و الأرواح كما شاء اللّه؛ فاذا بلغ أجل كتاب اللّه الذي هو آت و قرب الموعود للممات و الملاقاة للحياة، رجعت الأرواح إلى ربّ الأرواح قائلين: (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)[25]، و عادت الأشباح إلى التراب الرميم: (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ)[26].

و أمّا الأرواح الكدرة الظلمانيّة المنكوسة و النفوس الشقيّة التي‏ (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ)[27]، فقصدت مع أثقالها من حضيض الفرش إلى جهة العرش بأجنحة مقصوصة و أيد مغلولة بحبائل التعلّقات، فصاروا معلّقين بين الفرش و العرش: (وَ لَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)[28].

فالمقابر العرشيّة للسابقين‏[29]، و القبور الفرشيّة إمّا روضة من رياض الجنان أو حفرة من حفر النيران: (فَرِيقاً هَدى‏ وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ)[30].

و العرش مقبرة الأرواح العرشيّة، و الفرش مقبرة الأجساد الفرشيّة: (كَما بَدَأْنا

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 109

أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)[1].