⬅️ خوانش و شرح کتاب المظاهر الالهیة فی اسرار العلوم الکمالیه – ملا صدرا جلسه هفتاد و چهارم

🔷ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی

✅با حضور اساتید مطرح فلسفه سیاسی

⏰زمان: دوشنبه هشتم شهریور ماه 1400

 

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 107

تعالى-: (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ).[1]

و اعلم أنّ لكلّ من الحياة النباتيّة و الحيوانيّة قبرا هو مقدار تكوّنهما التدريجي و مدّة تقلّبهما[2] الاستكمالي في دار الدنيا. و هي مقبرة ما في علم اللّه من صور الأكوان‏[3] الحادثة الموجودة سابقا و لاحقا في علمه- تعالى- قبل ورودها في قبور هذه الدنيا، و بهذه القبليّة أشير في قوله- صلى اللّه عليه و آله و سلّم-:

«خلق [اللّه‏][4] الأرواح قبل الأبدان بألفي عام»؛ و بعد صدورها عنها، لقوله- تعالى-: (وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)[5]. و أشار إلى‏[6] اجتماع القبليّة و البعديّة بقوله:

(كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)[7].

و أمّا قبر النفس و الروح، فإلى مأوى النفوس و مرجع الأرواح، «كلّ شي‏ء يرجع إلى أصله» و (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)[8].

كشف غطاء

اعلم أنّ الموت يرد على الأوصاف لا على الذوات‏[9]، لأنّه «تفريق» لا «إعدام» و «رفع»؛ و أنّ المقابر[10] بعضها عرشيّة و بعضها فرشيّة، لأنّ اللّه- سبحانه- أبدع بقدرته الكاملة دائرة العرش بعقلها و نفسها فجعلها مأوى القلوب و الأرواح، و أنشأ بحكمته البالغة نقطة

 

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 108

الفرش و جعلها مسكن الطبائع و الأجساد.

ثمّ أمر بمقتضى قضائه الأزلي و صوره‏[11] الإسرافيلي لتلك الأرواح و القلوب العرشيّة[12] أن تعلّقت بالقوالب و الأبدان الفرشيّة، ثمّ أمر بقدره الحتمي أن يقبل قابليّة هذه القوالب و الأجساد و استعدادهما- شطرا[13] من الأزمنة- هذه القلوب و الأرواح كما شاء اللّه؛ فاذا بلغ أجل كتاب اللّه الذي هو آت و قرب الموعود للممات و الملاقاة للحياة، رجعت الأرواح إلى ربّ الأرواح قائلين: (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)[14]، و عادت الأشباح إلى التراب الرميم: (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ)[15].

و أمّا الأرواح الكدرة الظلمانيّة المنكوسة و النفوس الشقيّة التي‏ (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ)[16]، فقصدت مع أثقالها من حضيض الفرش إلى جهة العرش بأجنحة مقصوصة و أيد مغلولة بحبائل التعلّقات، فصاروا معلّقين بين الفرش و العرش: (وَ لَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)[17].

فالمقابر العرشيّة للسابقين‏[18]، و القبور الفرشيّة إمّا روضة من رياض الجنان أو حفرة من حفر النيران: (فَرِيقاً هَدى‏ وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ)[19].

و العرش مقبرة الأرواح العرشيّة، و الفرش مقبرة الأجساد الفرشيّة: (كَما بَدَأْنا

 

 

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 109

أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)[1].

إشراق‏

اعلم أنّ كلّ من شاهد بنور البصيرة باطنه في الدنيا لرآه مشحونا بأنواع الموذيات و السباع، مثل الشهوة و الغضب و الحسد و الحقد و الكبر و المكر و الرئاء و العجب، إلّا أنّ أكثر الناس محجوب العين من‏[2] مشاهدتها؛ فإذا انكشف الغطاء و وضع في قبره، عاينها و قد تمثّلت بصورها و أشكالها الموافقة لمعانيها، فيرى بعينه العقارب و الحيّات التي هي‏[3] ملكاته و صفاته الحاضرة الآن في نفسه‏[4].

فهذا عذاب القبر إن كان شقيّا، و يقابله إن كان سعيدا. و قد ورد في الحديث عن النّبي- صلى اللّه عليه و آله و سلم- في عذاب القبر أنّه:

قال: هل تدرون‏[5] في ما ذا[6] أنزلت‏ (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً)[7]؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم! قال: في عذاب الكافر في قبره، تسلّط عليه تسعة و تسعون تنّينا، هل تدرون ما التنين؟ تسعة و تسعون حيّة لكلّ حيّة تسعة رءوس ينهشونه و يلحسونه و ينفخون في جسمه إلى يوم يبعثون‏[8].

فانظر، يا[9] عارف، بعين التدبّر و الاعتبار في هذا الحديث! و تبصّر و اهتد

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 110

بأنّ هذا الحديث‏[10] و نظائره الواردة من أرباب العصمة- عليهم السلام- في أحوال القيامة و أهوالها حقّ و صدق؛ و لا تكن كالمتفلسف الجاهل‏[11] بأحكام الآخرة و أحوال القيامة، ينكر[12] هذا و أمثاله و يقول: إنّي نظرت في‏[13] قبر فلان فلم‏[14] أر شيئا من تلك الحيّات أصلا.

و لا يعلم هذا العنّين في معرفة اللّه أنّ هذا التنين له صورة غائبة عن هذه الحواس، إذ مدركاتها مختصّة بما له وضع مادي‏[15] بالنسبة إلى محلّ الحسّ الداثر؛ و ليست لهذه الحيّات و العقارب صور خارجة عن ذات الميّت، لأنّها صور[16] أخلاقه و أعماله. فصورة التنين كانت مع الكافر المنافق قبل موته أيضا، متمكّنة من باطنه، لكن لم يكن شاعرا بهذه الحيّات و رءوسها.

قال بعض العلماء: أصل هذا التنين حبّ الدنيا التي هي «رأس كلّ خطيئة»[17]، و يتشعّب منه رءوس بعدد ما يتشعّب من حبّ الدنيا من الأخلاق‏[18] الذميمة، و ذلك بأنّهم‏ (اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ)[19] فحقّت عليهم كلمة العذاب‏[20].

و ممّا يدلّ على تجسّم الأعمال و الأخلاق ما قال فيثاغورس‏[21]:

______________________________

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 111

اعلم أنّك سيعارض لك في أقوالك و أفعالك و أفكارك، و سيظهر لك من كلّ حركة فكريّة أو قوليّة أو فعليّة صور[22] روحانيّة و جسمانيّة. فإن كانت الحركة غضبيّة أو شهويّة، صارت مادة شيطان يرديك في حياتك و تحجبك عن ملاقاة النور بعد وفاتك؛ و إن كانت الحركة عقليّة، صارت ملكا ملتذّا[23] ملتذا منه في دنياك‏[24] و تهتدي بنوره في أخراك‏[25] إلى جوار اللّه و[26] كرامته.