⬅️ خوانش و شرح کتاب المظاهر الالهیة فی اسرار العلوم الکمالیه – ملا صدرا جلسه هفتاد و پنجم

🔷ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی

✅با حضور اساتید مطرح فلسفه سیاسی

⏰زمان: سه شنبه نهم شهریور ماه 1400

 

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 112

المظهر الخامس في البعث‏

اعلم أنّ «البعث» خروج النفس عن غبار[1] الهيئات البدنيّة المحيطة بها، كما يخرج الجنين من «قرار مكين»[2]؛ و مدّة كون الميّت في القبر ككون الجنين في الرحم، و نسبة حال‏[3] القبر إلى حالة البعث كنسبة الجنين إلى المولود. (وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[4].

و قد ثبت أنّ للإنسان نشئات وجوديّة بعد هذا[5] الوجود، و نشئات‏[6] وجوديّة قبله، كلّ بإزاء نظيره. و قد وقع الإشارة إلى الأطوار السابقة[7] في قوله- تعالى-:

(وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏)[8]؛ أي: أخذ أرواحهم من ظهور آبائهم العالية[9].

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 113

فإذا ثبت أنّ له أطوارا سابقة على هذا الوجود، يثبت أنّ له‏[10] العود[11] إليها، إمّا شقيّا أو سعيدا. فبعثك قدومك إلى اللّه- تعالى- و مثولك‏[12] بين يديه، إمّا فرحانا بلقائه و إمّا كارها له؛ «و من أحبّ لقاء اللّه أحبّ اللّه لقاءه، و من كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه.»

تكملة

اعلم أنّ أجناس العوالم و النشآت ثلاثة: الدنيا، و هي عالم الماديّات و الطبيعيّات؛ و الآخرة، و هي عالم التعليميّات و الرياضيّات‏[13]؛ و ما وراء الدنيا و الآخرة جميعا- و هو البرزخ- عالم المفارقات و العقليّات.

فالنشأة الأولى هالكة داثرة، بخلاف الباقيتين‏[14] و خصوصا الثالثة التي هي المآل الحقيقي للمقرّبين. و الإنسان حقيقة مجتمعة من هذه العوالم و النشآت باعتبار إدراكاته الثلاثة؛ و كلّما غلب عليه واحد منها، يكون مآله إلى أحكام ذلك.

و بهذه المآلات الثلاثة وقع الإشارة في قوله- تعالى-: (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)[15]، و فريق في جوار اللّه و حضرته: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)[16].

فمن غلب عليه التعلّقات الدنياويّة و المستلذّات الحسيّة، فهو بعد وفاته يتعذّب‏[17] بفقدان المحسوس، فهو أليف غصّة دائمة و رهين عذاب أليم. و من غلب‏

 

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 114

عليه خوف‏[18] عذاب الآخرة و رجاء الجنّة و المغفرة و الزهد في الدنيا و الانقطاع عن هذه اللذات العاجلة، فمآله إلى دار السلامة و الدخول في أبواب الجنان و الأمن من عذاب النيران. و من غلب عليه إدراك الأمور الإلهيّة و التشوّق‏[19] إلى الإحاطة بالعقليّات، فمآله إلى الانخراط في سلك الملكوت؛ و هذه غاية ما يصل إليه البشر بقوّة سلوكه العروجي على صراط التوحيد. فمن كان شأنه هذا[20]، فقد فاز فوزا عظيما؛ و من عانده و أنكر طريقه طلبا للحطام و رئاسة على الأقران، فقد خسر خسرانا مبينا.

و القسم الأوّل الغالب عليهم‏[21] التعلّقات البدنيّة و المستلذّات الحسيّة على قسمين: قسم منهما يتعذّب دائما، و قسم لم يتعذّب دائما. و إلى هذا أشار سقراط- معلّم أفلاطن الإلهي-:

أمّا الذين ارتكبوا الكبائر، فإنّهم يلقون في [طرطارس‏][22] و لا يخرجون منه‏[23] أبدا. و أمّا الذين ندموا على ذنوبهم مدة عمرهم و قصرت آثامهم عن تلك الدرجة، فإنّهم يلقون في‏[24] [طرطارس‏] سنة كاملة يتعذّبون‏[25]؛ ثم يلقيهم الموج إلى موضع ينادون‏[26] منه خصومهم يسألونهم الإحضار على القصاص لينجوا من الشرور؛

 

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 115

فإن رضوا عنهم، و إلّا أعيدوا إلى [طرطارس‏]، و لم يزل ذلك‏[27] دأبهم إلى أن يرضى خصومهم عنهم.

و الّذين كانت سيرتهم فاضلة، يتخلّصون من هذه المواضع من هذه الأرض‏[28] و يستريحون من هذه المحابس‏[29] و يسكنون الأرض النقيّة.

قال المترجم: «طرطاوس» (طرطارس) شقّ كبير و أهوية يسيل‏[30] إليها الأنهار؛ على أنّه‏[31] يصفه بما يدلّ على التهاب النيران، و كأنّه يعنى به البحر أو قاموسا فيه «دردور»، و الدردور الماء الذي يدور و يخاف فيه الغرق.[32] أعاذنا اللّه و إيّاكم من دردور النار.