⬅️ خوانش و شرح کتاب المظاهر الالهیة فی اسرار العلوم الکمالیه – ملا صدرا جلسه هفتاد و هفتم
🔷ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی
✅با حضور اساتید مطرح فلسفه سیاسی
⏰زمان: دو شنبه پانزدهم شهریور ماه 1400
المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 117
توضيح
اعلم أنّ حشر الخلائق على أنحاء مختلفة حسب أعمالهم و ملكاتهم؛ فلقوم[1] على سبيل الوفد: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً)[2]، و لقوم على وجه التعذيب: (وَ يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ)[3]، و لقوم [بصورة] أعمى: (وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى)[4].
و بالجملة يحشر كلّ أحد إلى غاية سعيه و عمله و ما يحبّه حتّى إنّه[5] «لو أحبّ أحدكم حجرا يحشر معه»[6]. فيحشر الخلائق على صور ضمائرهم و نيّاتهم، و عليه يحمل معنى التناسخ الوارد في[7] لسان الأقدمين[8].
إشراق عقلي
اعلم أنّ في باطن كلّ إنسان[9] و إهابه[10] حيوانا إنسانيّا بجميع أعضائه و حواسّه و قواه، و هو موجود الآن و لا يموت بموت البدن العنصري اللحمي؛ بل هو الذي يحشر يوم القيامة و يحاسب[11]، و هو الذي يثاب و يعاقب. و حياته ليست بحياة هذا البدن عرضيّة، بل حياته كحيات النفس ذاتيّة؛ و هو حيوان متوسّط[12] بين الحيوان العقلي و الحيوان الجسمي يحشر في الآخرة على صور أعماله و نيّاته.
حكمة كشفيّة
قال صاحب الكشف[13]: القيامة قيامتان: قيامة صغرى، و هي معلومة: «من مات فقد قامت قيامته»؛ و الكبرى،
المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 118
و وقتها مبهمة و لها ميعاد عند اللّه، و من وقّتها فهو كاذب، لقوله- صلى اللّه عليه و آله و سلم-: «كذب الوقّاتون».[14]
و كلّ ما في القيامة الكبرى فله نظير في الصغرى؛ أ ما علمت أن الإنسان «عالم صغير» و أحواله أنموذج من أحوال «الإنسان الكبير»؟! و مفتاح معرفة هذه الحقائق معرفة الإنسانية. فمعنى «القيامة الكبرى» ظهور الحقّ بالوحدة التّامة، و طي السماوات، و قبض الأرض، و اندراس الأزمنة و الأمكنة، و اضمحلال الموادّ و الأشخاص، و رجوع الخلائق كلّهم[15] إلى اللّه، و عود الروح الأعظم و فناء الكلّ عنده، حتّى الأفلاك و الأملاك و النفوس و الأرواح، كما قال- تعالى-: (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ)[16]؛ و هم الذين سبقت لهم «القيامة الكبرى».
فأهل الحجاب و أصحاب الظنّ و الارتياب يزعمون يوم القيامة بعيدا عن الإنسان بحسب الزمان، كما قال: (وَ ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً)[17]، و غائبا عنه بحسب المكان، كما قال: (وَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)[18]. و أمّا[19] أهل البصيرة و اليقين، فيرونه قريبا بحسب الزمان، كما قال- تعالى-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ)[20]، و يرونه حاضرا بحسب المكان، كما قال- تعالى-:
(وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)[21].
المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 119
و قس الآخرة بالأولى، و الموت بالولادة، و الولادة الكبرى بالولادة الصغرى، و الدنيا بالأمّ، و القبر بالرحم، و البدن بالمشيمة. و القيامة يوم جزاء بلا عمل، و يوم[22] الشريعة يوم عمل بلا جزاء[23] و تعب بلا ثواب.[24]
قاعدة في سرّ القيامة و زمانها و مكانها
اعلم أنّ القيامة من داخل حجب السماوات و الأرض، و منزلتها من هذه الحجب كمنزلة الجنين من الرحم لأمّه؛ و لذلك لا تقوم القيامة إلّا (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها)[25] و (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ* وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ)[26] (وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ)[27] و (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)[28] (وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ)[29] (وَ إِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ)[30] (وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ)[31] (وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ)[32].
و قوله- صلى اللّه عليه و آله و سلم-: «لا تقوم القيامة و في وجه الأرض من يقول: اللّه اللّه!»[33] إشارة إلى أنّ الرجل ما دام خارج الحجب، فالقيامة ستر[34] على علمه[35]؛ فإذا قطع الحجب، صارت القيامة علانية عنده بعد ما كانت غائبة[36] عنه. و كانت القيامة عند نبيّنا- صلى اللّه عليه و آله و سلم- علانية حين قطع حجب
المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 120
السماوات و الأرض: (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى)[37].
و سمّيت القيامة «ساعة» لأنّها تسعى إليها النفوس[38] لا بقطع المسافات المكانيّة، بل بقطع الأنفاس الزمانيّة بحركة جوهريّة ذاتيّة[39] و توجّه إلى اللّه- تعالى-: (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ)[40].