⬅️ خوانش و شرح کتاب تفسیر القرآن الکریم  صدرالمتالهین جلسه پنجاه و پنجم

🔷ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی

تفسیر سوره حمد: جلسه سی و یکم

زمان:یکشنبه 17 مهر ماه 1401

مجری: بنیاد بین المللی علوم وحیانی اسراء

تفسیر القرآن الکریم جلد : 1  صفحه : ص 68 

فصل [اتصافه تعالى بالرحمة]

قد ذكر  في توجيه وصفه تعالى بالرحمة و معناها التعطّف و الحنو و منها الرحم لانعطافها على ما فيها انه مجاز عن إنعامه على عباده و قيل: إنّ أسماء اللّه تعالى إنّما أخذت باعتبار الغايات التي هي الأفعال و الآثار لا باعتبار مباديها التي تكون انفعالات هذا

تفسیر القرآن الکریم جلد : 1  صفحه : ص 69 

غاية ما حصل لأصحاب الأنظار من العلم بمثل هذه الأسماء و الصفات.

و اعلم انّ هذا العلم‌ 36 أيضا مما خصّه اللّه به أهل الاشارة دون العبارة، إذ ما ذكروه يؤدّي إلى فتح باب التأويل في أكثر ما ورد في أحوال المبدإ و قد مرّ في مفاتيح الغيب شي‌ء مما يتعلق بهذه المسألة.

و اعلم إنّ جمهور أهل اللسان لمّا صادفوا بالاستقراء جزئيّات ما يطلق عليه اسم النار في هذه الدار حارّة حكموا بأنّ كلّ نار حارّة و لكن من انفتح على قلبه باب إلى الملكوت فربما شاهد نيرانات كامنة في بواطن الأمور تسخّن الأشياء تسخينا أشدّ من تسخين هذه النار المحسوسة و مع ذلك ليست متسخّنة ذات حرارة و هي كقوّة الغضب و ما فوقها كالنفس و ما فوقها كقهر اللّه فالحكم بأنّ كل نار حارّة على عمومه غير صحيح عنده، و كذلك لما شاهدوا في هذا العالم كلّ محرك لشي‌ء متحرّكا و كلّ فاعل لشي‌ء متغيّرا في فاعليّة حكموا بأنّ كلّ محرّك متحرّك و كلّ فاعل لشي‌ء فاعل بعد ما لم يكن، و عند التحقيق و العرفان ظهر انّ ما زعموه مخالف للبرهان و كذلك أشياء كثيرة من هذا القبيل.

و السر في الجميع انّ موجودات هذا العالم كلّها لنقصانها في درجة الموجودية و نزولها في أقصى مرتبة النزول و الخسّة يصحبها أعدام و قوى و انفعالات من جهة المادة الجسميّة فمبادي أفاعيلها لا تنفكّ عن انفعالات و ليس هاهنا فاعل غير منفعل و لا مؤثّر غير متأثّر و لا معط غير آخذ و لا راحم غير مرحوم و هذا انما هو بحسب الاتّفاق لا انّ هذه الأفاعيل داخلة في مفهوماتها تلك الانفعالات. فقول أهل الحجاب و أصحاب الارتياب:

كلّ كاتب متحرّك الأصابع و كل فلك متحرّك، ليس عند أهل المشاهدة صحيحا بل كلّية هذه القضايا عندهم ممنوعة بل ممتنعة إذ مفهوم الكاتب هو المصوّر للمعاني و المنقّش للحقائق و ليست حركة الأصابع داخلة في مفهومه و لا من شرطه تحريك الأنامل فربّ‌

 

تفسیر القرآن الکریم جلد : 1  صفحه : ص 70 

كاتب عندهم كالكرام الكاتبين لم يتحرّك أصابعه عند الكتابة بل ثمّ كاتب لم يتغيّر ذاته و لا صفاته و لا كتابته و فعله و هو الذي كتب على نفسه الرحمة تعالى ذاته و صفاته و قضاءه عن التبديل و التحويل كما قال‌ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا و كذا في الوجود أفلاك نوريّة عقليّة يعرفها أهل اللّه غير متحرّكة و لا ذات وضع هي السموات العلى، و كذا في الوجود أرض بيضاء نيّرة ليست كهذه الأرض كدرة ثقيلة يابسة ذات لون غبراء يعرفها الربّانيون من الحكماء كما

ورد في الحديث‌ : إنّ للّه أرضا 37 بيضاء مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوما هي مثل أيام الدنيا ثلثون مرّة مشحونة خلقا لا يعلمون إنّ اللّه يعصى في الأرض و لا يعلمون إنّ اللّه خلق آدم و إبليس.

و إليه الإشارة بقوله تعالى‌ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ‌ فكذلك حكم الراحم حيث يصحبه هاهنا رقّة القلب لخصوصية المادّة لا لضرورة المعنى الموضوع له، ألا ترى‌ 38 انّ أفاعيل الإنسان سيّما النفسانية صادرة من النفس و إطلاق الأسماء المشتقّة منها عليها على سبيل الحقيقة دون المجاز؟ فإذا نسبت الرحمة إلى النفس و حكم عليها بأنّها راحمة لم يكن عند أهل اللغة مجازا مع إنّها جوهر غير جسماني فاستقم في هذا المقام فإنّه من مزالّ الأقدام و كن متثبّتا على صراط التحصيل غير منحرف إلى جانبي التشبيه و التعطيل و اللّه الهادي إلى سواء السبيل.