✅خوانش متون فلسفه سیاسی اسلامی

⬅️ خوانش و شرح کتاب المظاهر الالهیة فی اسرار العلوم الکمالیه – ملا صدرا جلسه پنجاه و نهم

🔷ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی

✅با حضور اساتید مطرح فلسفه سیاسی

⏰زمان:یک شنبه سوم مرداد ماه 1400

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 79

التامّة و الأضواء القيّوميّة، فكفاك ما أوردت لك من المسائل الإلهية إن كنت من أهله. و لا تكن جاحدا لما يقرع سمعك من اشتباه بعض المسائل الحقّة بالمسائل الباطلة، لأنّ الاشتباه من تصرّفات الوهم؛ فإن ميّزت عقلك و أشعلته‏[1] بالنور القدسي‏[2]، اتّضح عندك حقيقة ما أوردنا لك. و إن شئت أن أوضح لك ما في نفسك و باطنك حتى تكون موقنا بما ذكرت لك، فأمثّل لك مثلا؛ فاستمع الآن إلى‏[3] ما أقول لك من العرش و الكرسي:

اعلم أنّ «العرش» مظهر الربّ و «الكعبة»[4] معلمه؛ فدعا اللّه العباد إلى مظهره لقلوبهم، و إلى معلمه بأبدانهم. و إذا عرفت هذا، فاعلم أنّ «العرش» هو قلب العالم و الإنسان الكبير، و «الكرسيّ» هو صدره؛ لأنّ المراد من القلب المعنوي هو مرتبة النفس‏[5] المدبّرة المدركة للكليّات، و القلب الصنوبري‏[6] مظهرها؛ و كذا المراد من الصدر المعنوي هو مرتبة النفس الحيوانية[7] المدركة للجزئيات، و هذا الصدر الجسماني مظهرها. و نسبة استواء النفس الإنسانية على قلبه بالتدبّر[8] إلى استواء الرحمن على عرشه بالعناية و الرحمة، كنسبة القلب الصنوبري إلى العرش الصدري‏[9]؛ كذلك نسبة تصرّف النفس الحسّاسة الحيوانيّة في الصدر المحيط بجوهر الكبد- لمكان الدم الطبيعي المنتشر في البدن كلّه- إلى تصرّف القوّة الملكوتيّة بإذن اللّه في الكرسي المحيط بجوهر السماوات السبع بأنوارها النافذة في الكلّ، كنسبة الصدر الجزئي إلى الكرسي الجسماني. فافهم ما قلنا لك و تحقّق ما هو الحقّ! فإنّ الحق بالأخذ أليق.

 

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 80

تتميم‏

اعلم، يا أخي، أنّ اللّه- تعالى- قد مدح‏[1] الناظرين في ماهيّات الأشياء و المتفكّرين في خلق السماوات و الأرض و الذاكرين للّه‏[2] من ملاحظة آثار صنعه و جوده: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ)[3]؛ فالعمدة العظمى و العروة الوثقى من النظر و التفكّر، التقرّب إلى اللّه و الفوز بالسعادة الأخرويّة.

فلا يكون هذا التقرّب إلّا باقتناء العلم و المعرفة، دون مجرّد العمل و الطاعة و إن كان العمل الصالح وسيلة: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)[4]. و قد حثّ‏[5]– سبحانه- عباده في كثير من الآيات على اكتساب العلم بالنظر و الاعتبار و التأمّل في أفعاله و التدبّر[6] في آياته، مثل قوله: (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ)[7] و قوله: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ)[8] و قوله: (أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا) أو ( [أَ وَ] لَمْ يَتَفَكَّرُوا)[9]. و جعل اللّه- سبحانه- الجهل باللّه و آياته منشأ الرجوع إلى نار الجحيم و العذاب الأليم، قال- تعالى-: (وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى‏)[10]؛ فمن نسي ذكر اللّه، يكون من أهل العذاب و مستعدّا للعقاب و يحشر أعمى و أصمّ؛ لأنّ بناء الآخرة على «المعرفة» و «الذكر»، لأنّها نشأة إدراكيّة و ذات‏[11] حيوانية- كما سنبيّن-، فعمارتها بالاعتقادات و النيّات الصالحة

المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 81

و الإدراكات الخالصة؛ و بناء الدنيا على الظلمة الماديّة، و عمارتها بالأمور الشهوية و الأماني الباطلة، لأنّها نشأة كدرة[12] جرمانية: (وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى‏ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى‏ وَ أَضَلُّ سَبِيلًا)[13].

فكن، يا أخي، من العارفين بالأسرار الإلهيّة و من المشاهدين‏[14] آيات‏[15] الربوبيّة، حتى أشرق نور الحق من أفق الرحمة و انمحق ظلمة[16] الوهم و غاب عن أفق الضلال، لترى الساكنين في أقاليم وجودك و رؤساء السفن الجارية في بحر بطنك، ليحيى من حيّ عن بيّنة و يهلك من هلك عن بيّنة[17]