خوانش و شرح کتاب تفسیر القرآن الکریم صدرالمتالهین جلسه سیزدهم
ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی
زمان: یکشنبه 30 مرداد ماه 1401
مجری: بنیاد بین المللی علوم وحیانی اسراء
تفسیر القرآن الکریم جلد : 1 صفحه : ص13 و ص 14
الركن الثالث في المستعيذ
و اعلم إن القرآن و الأخبار يدلّ على أن كل إنسان يجب عليه أن يستعيذ باللّه فقوله «أعوذ بالله» أمر منه لعباده أن يقولوا ذلك فيدلّ على أنه يجب عليهم ذلك. و لأنه تعالى امر نبيّنا صلى اللّه عليه و آله و سلم بالاستعاذة مرّة بعد اخرى فقال قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [23/ 97- 98] و قال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [113/ 1] و قال: و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [114/ 1] و قال في سورة الأعراف وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [7/ 200] و قال في سورة حم السجدة مثل ذلك [41/ 36].
فهذه الآيات دالة على أنه- صلى الله عليه و آله- مأمور بالاستعاذة باللّه سبحانه.
و الأمر بها له أمر بها للأمة إذ لا خصوصية للاستعاذة به صلى الله عليه و آله دون الأمة و لأنه تعالى حكى عن نوح عليه السلام إنّه قال أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ [11/ 47] و حكى عن يوسف عليه السلام إنّه قال مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ [12/ 23] و قوله لما قيل له: خذ أحدنا مكانه مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ [12/ 79] و حكى عن موسى عليه السلام إنّه لما أمر قومه بذبح البقرة و قالُوا أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ [2/ 67] و إنه لما خوّفه القوم بالقتل قال إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ [44/ 20] و قال في آية اخرى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ [40/ 27] و حكى إن امّ مريم عليها السلام امرأة عمران قالت: وَ إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَ ذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [3/ 36] و إنّ مريم عليها السلام لما رأت جبرئيل عليه السلام في صورة بشر يقصدها في الخلوة قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا [19/ 18] جميع ذلك على وجه المدح و الاستحسان. فهذه الآيات دالة على أن الأنبياء عليهم السلام و من يحذو حذوهم من الأولياء كانوا أبدا في الاستعاذة بالله من شر شياطين الانس و الجن.
و أما الأخبار في ذلك فأكثر من أن يحصى و أظهر من أن يخفى.
و اعلم إن المستعيذ هو النفس الجزئية للإنسان الجزئى من الشرور العارضة لها في هذا العالم من جهة اقترانها بهذه الأشياء الجسمانية ذوات التقدير الواقعة في صقع القدر. و أما عالم القضاء الإلهى و عالم الأمر الربّاني و كلمات الله التامّات فهي بريئة من كل الوجوه عن الشرور و الآفات. و أما النفس الناطقة العاقلة للمعقولات، الراجعة إلى ذاتها، المرتبطة إلى ربّها فهي متبرئة الذات عن لحوق الشريّة بها، فلا حاجة لها إلى العوذ و الإعاذة. فإن كلّ راجع إلى ذاته أمر روحاني عقلي. و كل أمر عقلي فهو موجود في عالم الأمر و القضاء، مجرد عن عالم الخلق و المساحة و التقدير. و كل ما هو كذلك فلا يزاحمه شيء مزاحم و لا يصادمه ضدّ مصادم فيكون على كماله الأتمّ الملائم لذاته من غير عائق و دافع و من هاهنا علم إن الشيطان ليس من المجردات، و إلا لم يكن مزاحما لأحد و لا مصادما لشيء و لم يكن شرا لشيء و لا هو بنفسه أيضا ذا شرّ و آفة و طرد.