خوانش و شرح کتاب تفسیر القرآن الکریم صدرالمتالهین جلسه شصت و هشتم
ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی
تفسیر سوره حمد: جلسه چهل و چهارم
زمان:جمعه 30 دی ماه 1401
مجری: بنیاد بین المللی علوم وحیانی اسراء
تفسیر القرآن الکریم جلد : 1 صفحه : ص 91
بصيرة [سر تقدم إياك نعبد على إياك نستعين]
اعلم إن الإنسان مركّب من جسد كالمركب و روح كالراكب و هو منذ خلقه اللّه في سفر الآخرة و غاية سفره لقاء اللّه لهذا خلق و عليه فطر و جبل و هو المقصود من الروح، و المقصود من الجسد اكتساب المنافع و اقتناء الخيرات و التخلّص عن الشرور و الآفات. و هو المعني بالعبادة و الخدمة.
فلا جرم كان أفضل أحوال الجسد أن يكون آتيا بالأعمال المقرّ به للروح إلى اللّه تعظيما للمعبود و خدمة له، و هو أول درجات السعادة للإنسان و هو المراد بقوله تعالى:
إياك نعبد.
و أفضل أحوال الروح أن يكون مرتبطا بالحقّ متعلقا به منقطعا عن غيره متجرّدا عن الدنيا و ما فيها، فإذا واظب على تحصيل هذه المرتبة و داوم على تجريد ذاته و تخليصها عن العلائق الماديّة و الغواشي الدنيوية فعند ذلك يظهر له شيء من أنوار القدس و لوامع الغيب فإذا تنوّر ذاته بنور المعرفة و العبادة يعلم إنّ مبدأ شوقه إلى عالم الملكوت و محرك ذاته لطلب التقرّب إليه تعالى لم يكن و لا يكون إلا اللّه مقلّب القلوب و محرّك النفوس و إنّه بنفسه لا يستقل بالإتيان بهذه العبادات و التدرّج على هذه الدرجات و لا يمكنه الإتيان بتحصيل شيء من الكمالات العلمية و العمليّة إلا بتوفيق اللّه و عنايته و عصمته و هو المراد من قوله تعالى: و إياك نستعين.
و فيه ايضا حجّة لأهل التوحيد الأفعالي، قال بعض العرفاء الموحّدين: و لو لا أنّ العبد 72 ادّعى الاستطاعة في الأفعال و الاستقلال بها لما أنزل اللّه عليه تكليفا قطّ و لا شريعة و لهذا جعل حظّ المؤمن من هذه الدعوى أن يقول ايّاك نستعين و حظّ العرفاء المكاشفين ممن وقع عنهم التبرّي من الأفعال الظاهرة وجودها منهم أن يقولوا: لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم فهذا
تفسیر القرآن الکریم جلد : 1 صفحه : ص 92
القول لا يصدر على وجه الصدق إلّا عن أولئك الكاملين العارفين بهذا التوحيد الأفعالي فهو لهم خاصّة دون غيرهم، فكم بين الحالين من التبرّي و الدعوى فالمدعي مطالب بالبرهان على دعواه، و المتبري غير مطالب بذلك. و لا تقل: إنّ التبري أيضا دعوى، فإنّ التبري لا يبقي شيئا 73 و على ذلك ينطلق اسم المتبري- انتهى كلامه.
و بالجملة فالمراد من قوله: إيّاك نستعين، طلب الهداية لأقرب المناهج و أقوم الطرق إلى اللّه و فيه كما وقع الإفصاح عنه بعد هذه الآية بما يتلوها.