⬅️ خوانش و شرح کتاب المظاهر الالهیة فی اسرار العلوم الکمالیه – ملا صدرا جلسه نود و یکم
🔷ارائه دهنده: استاد مرتضی جوادی آملی
✅با حضور اساتید مطرح فلسفه سیاسی
⏰زمان: شنبه 15 آبان ماه 1400
⬅️مجری: پژوهشکده علوم و اندیشه سیاسی
المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 144
توضيح في حقيقة الدنيا و الآخرة
قال اللّه- سبحانه-[1]: (أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ)[2]، و قال: (وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ)[3].
و اعلم أنّ الدنيا من عالم «الملك»[4] و «الشهادة»، و الآخرة من عالم «الملكوت» و «الغيب». و ربّما قيل: إنّ الدنيا عالم المحسوسات، و الآخرة عالم المعقولات؛ و هذا غير سديد، و هذا قول الفلاسفة[5] المنكرين للمعاد الجسماني و لوجود الجنّة و النار الجسمانيّين[6].
و الأجود أن يقال: الدنيا عالم الكون و الفساد، و الآخرة دار القرار.
و قيل: الدنيا[7] مرآة الآخرة؛ فإنّها عالم الشهادة و يرى فيها عالم الغيب، و هي الآخرة. فعالم الدنيا محاك[8] لعالم الآخرة؛ فمن الناس من وفّقه اللّه و يسّر له النظر و الاعتبار، فلا ينظر إلى شيء من هذا العالم إلّا و يعبر[9] به إلى عالم الآخرة، فيسمّى عبوره «عبرة»، و قد أمر اللّه- تعالى- عباده بقوله: (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ)[10]. و منهم من عميت بصيرته، فلم[11] يعتبر و لم يعبر عن هذا [الجسر][12] فاحتبس في عالم الحسّ و الشهادة، و سيفتح إلى حبسه أبواب جهنّم: (أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ)[13].
المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 145
و الحقّ الحقيق أنّ الجنّة و النار مخلوقتان لقوله- تعالى-: (وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا)[14] و قوله: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ)[15]؛ و هذا هو المرويّ عن الأئمة- عليهم السلام-، كما روى قدوة المحدّثين أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمّي- رضي اللّه عنه- في عيون أخبار الرضا- عليه السلام- بسنده المتّصل إلى عبد السلام بن صالح الهروي:
قال: قلت لعلّي بن موسى الرضا- عليه السلام-: يا ابن رسول اللّه! أخبرني عن الجنّة و النار؛ أ هما اليوم مخلوقتان؟ فقال: نعم، قد دخل رسول اللّه (ص) الجنّة و رأى النار لمّا عرج به إلى السماء.
قال: قلت له: إنّ قوما يقولون إنّهما اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين. فقال- عليه السلام-: ما أولئك منّا و لا نحن منهم. من أنكر خلق الجنّة و النار، فقد كذّب النبي- صلى اللّه عليه و آله و سلم- و كذّبنا و ليس في ولايتنا على شيء و يخلد في نار جهنم. قال اللّه- تعالى-: (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ* يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ)[16]. و قال النّبي- صلى اللّه عليه و آله و سلم-: «لمّا عرج بي إلى السماء، أخذ بيدي جبرئيل- عليه السلام-، فأدخلني الجنّة فناولني من رطبها فأكلته فتحوّل ذلك نطفة في صلبي؛ فلمّا هبطت[17] إلى الأرض واقعت خديجة فحملت فاطمة- عليها السلام.
ففاطمة «حوراء» [إنسيّة]؛ فكلّما اشتقت إلى [رائحة] الجنّة،
المظاهر الإلهية في أسرار العلوم الكمالية، النص، ص: 146
شممت رائحة ابنتي فاطمة.[18]
و بالجملة: الدنيا هي النشأة الناريّة[19] الداثرة الكائنة الفاسدة؛ من ركن إليها، استحقّ النار. و الآخرة هي النشأة النوريّة العالية الباقية؛ و هي صورة الجنّة و منازلها، إلّا[20] أنّها محجوبة عن هذه الحواس. فمن عرف نفسه و عرف ربّه، تجرّد ذاته عن غشاوة الدنيا و صار من أهل الآخرة و نعيمها: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[21].